قال المسؤول سأوي.......
3 مشترك
صفحة 2 من اصل 1
قال المسؤول سأوي.......
قال المسؤول سآوي إلى برج المملكة يعصمني من الماء .. ولا عزاء للضبان تهت ذات نزهة أنا وبعض الأصحاب في الصحراء، واستمر ضياعنا فيها أياما، حتى شارفنا على الهلاك، وإذ بنا نقابل شيخا وقوراً قد جاوز التسعين، لحيته البيضاء وعمامته التي يلبسها زادته وقاراً وهيبة، لقد كان في كامل قوته، وكأنه اليوم بلغ أشده وبلغ أربعين سنة .. لما أقبل علينا كنا في حال يرثى لها، وكان العطش بلغ منا مبلغه، فسلم علينا وبالكاد استطعنا رد السلام، لقد كانت أعيننا مسمرة على القربة التي يحملها حصانه الأسود. قام الشيخ الوقور بإنزال القربة، وبدأ بترطيب شفاهنا بالماء، وابتسامة آسرة تعلو محياه، وبين وقت وآخر يسقينا شربة من ماء حتى عادت إلينا روحنا التي كدنا نلفظها. سألنا الشيخ بهدوء: من أين القوم؟ قلنا: من الرياض. قال: إذاً أريد منكم معروفا. قلنا: لك في رقابنا ديناً لن ننساه، ولن نرد لك طلبا. قال وهو يمتطي صهوة جواده: أريدكم أن تبنوا سفينة ضخمة تتسع لأهل الرياض. ثم لم نر إلا غبار خيله .. بعد عودتنا إلى الديار بدأنا بالمشروع الذي طلبه منا ذلك الشيخ، واخترنا الثمامة مكانا لبناء السفينة. وهكذا بدأنا أيها السادة .. كان علينا أن نتحمل سخرية الناس منا وضحكهم علينا، وكم كان الأمر صعبا .. الكل يقول سفينة في الرياض ؟؟ رد فعلنا الوحيد هو الابتسامة، ثم مواصلة العمل دون الالتفات إلى الخلف. الفضوليون أزعجونا بكاميراتهم والإعلام كذلك، ونحن ماضون في مواصلة المشروع .. وبعد سنوات من العمل الجاد، وتحمل أذى السخرية والتسفيه من الناس، انتهينا من العمل، ودققنا آخر مسمار في تلك السفينة الضخمة. كنا أثناء العمل نشاهد من بعيد خيال شخص بجانبه خيل وكأنه يتابع العمل، ومن غيره؟ إنه الشيخ التسعيني.. بعدما انتهينا من بناء السفينة، عدنا إلى خوض روتين الحياة، وبعد مضي حوالي السنتين على بنائها، وفي أحد أيام شهر مايو من عام ألفين وعشرة بعد الميلاد كانت السماء صافية والجو صحواً، ولكن خلال دقائق تبدل الحال، وتلبدت السماء بالغيوم، وبدأ المطر يهطل، لم يكن غزيرا، ولم يستمر وقتاً طويلاً، لكن شوارع الرياض غرقت بالمياه، وذابت فيها مشاريع الصرف التي لم تشم إلا رائحة المليارات ولم تعرف طعمها. وأعلنت وسائل الإعلام أن القادم أسوأ، وأننا نبحث عن حل لنجاة أهل المدينة بأسرع وقت ممكن. وإذ بهم يتذكرون تلك السفينة الضخمة، القابعة على أطراف الرياض، التي كان نفر من الناس يبنونها. وبالفعل حمل الناس ما استطاعوا من متاع واتجهوا للسفينة، ومن عجز منهم اتصل بالدفاع المدني ليقدم له المساعدة لكن الدفاع المندي كان خارج الخدمة مؤقتا، وبانت الفضيحة، فلم تكن القوارب التي تصطف أمام مبانيه إلا هياكل فقط، منزوعة الأحشاء، فمن كان يظن أن الرياض تحتاج إلى قوارب؟ لن أنسى إخباركم أن هذه القوارب تم شراؤها من أكبر شركة بريطانية لتصنيع قوارب الإنقاذ، في صفقة تعد الأغلى في التاريخ، والتي لم تستطع موسوعة جينيس تسجيلها من هول الرقم الفلكي خشية أن الناس لا يصدقون ذلك، وبالتالي تفقد الموسوعة مصداقيتها. لكن الشباب المتطوعين كانوا في الموعد وحملوا الناس على أكتافهم وغطوا عيب الدفاع المدني الذي وقف مبهورا من إمكانياتهم. كان الشيخ الوقور أول متواجد على ظهر السفينة، وقد وقف عند مدخلها يسمح للناس بالدخول أفواجا، ولكنه ينتقي بعض الأوجه ويمنعها من ركوب السفينة. وقد اتضح لنا في ما بعد أنهم المسؤولين عن هذه الكارثة، وهم ما بين منصب مرموق في الدولة وبين مقاول من الباطن، ولم يعاقب الشيخ الوقور أناسا ويجعلهم كبشا للفداء ويترك رؤوس الأفاعي كما يفعل إعلامنا، بل ألحق الرأس بالذنب ومنع جميع الفاسدين من ركوب سفينة الشرفاء. لكن الشيخ أخذته الرحمة على أحدهم وقال له: يا مسؤول اركب معنا .. ولكن المسؤول الفاسد لما رأى أصحابه منعوا من الركوب تملكه الخجل أن يركب مع الشرفاء وقال: سآوي إلى برج المملكة يعصمني من الماء. كانت المياه في ذلك اليوم قد وصلت إلى الركب، وقد حملنا معنا في السفينة من كل زوجين اثنين، إلا الضب، فإنه كان يسخر منا ونحن نبني السفينة في الثمامة، ويصبح علينا ويمسي: هزلت!! سفينة بين جحور آل ضبان؟؟!! وفي اليوم التالي أمطرت السماء مطرا أكثر من سابقه، ولكنه لم يكن بالكمية التي تغرق مدينة، بل إنه لو نزلت أضعاف هذه الكمية على إحدى مدن إفريقيا الفقيرة لما واجهوا مشكلة ولا حصل اضطراب، ولكنها الرياض يا سادة .. لقد غرقت الرياض عن بكرة أبيها واختفت معالمها، وغرق برجيها، وبدأت سفينتنا تطفو فوق الماء. لقد بتنا على ظهر السفينة ثلاثين ليلة، كان الشيخ الوقور يرفع يديه بعد كل صلاة ويقول: ألا لعنة الله على الفساد ألا لعنة الله على الفساد .. وفي أحد دروسه اليومية التي كان يقرؤنا فيها القرآن وبعض الحديث، قال لنا: اعلموا أنه ما أصابكم لم يكن إلا بذنب. فقال قائل: وما هو هذا الذنب؟ فرد عليه الشيخ وقد احمرت وجنتاه: ويحك، وأي ذنب أعظم من الفساد، إلا السكوت عنه. وبعد أن عشنا على ظهر هذه السفينة شهرا، بلعت الأرض ماءها، وغيض الماء، واستوت سفينتنا على تل مطل على مدينتنا التي أخرجنا منها، كان السماء صافية، وكان منظر شروق الشمس على المدينة يسر الناظرين، لقد بدت الرياض يا سادة بيضاء ناصعة لم تتغير مبانيها أو معالمها، وما زادها المطر إلا لمعانا .. عدنا إلى الرياض مرة أخرى، لقد كانت هي هي كما تركناها، لكنها الآن تطهرت من رؤوس الفساد وأذنابه، ومن الضبان كذلك. وعاهدنا الله ألا نعود إلى الذنب الذي حذرنا منه شيخنا الوقور الذي دفناه بعد نزولنا من السفينة في مقبرة النسيم. ترنمت وأنا خارج من المقبرة بما كان يترنم به شيخنا الوقور كل يوم على ظهر السفينة ... لقد كان يطربنا بصوته العذب: اشتدي أزمة تنفرجي ** قد آذن ليلك بالبلج وظلام الليـل لـه سـرج ** حتى يغشاه أبـو السـرج وسحاب الخير لـه مطـر ** فإذا جـاء الإبـان تجـي وفوائـد مولانـا جـمـل ** لسروح الأنفـس والمهـج منقووووووووووووووووووووول |
hend- @ من كبار الشخصيات في المنتدى @
- عدد الرسائل : 610
العمر : 48
الموقع : mesr.mam9.com
المزاج : مش ولا بد
بلاد الاعضاء :
المهنـــــــــه :
المزاج :
تاريخ التسجيل : 29/09/2009
رد: قال المسؤول سأوي.......
سخريه بليغه تستحقى الشكر على نقلها هند
نسأل الله ألا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا
تحية لعمق الحرف هنا
وشكرا لى هنووووود على طرحك
أحتراماتى هنووود وتسلمى على نقلك وحسك
نسأل الله ألا يؤاخذنا بما فعل السفهاء منا
تحية لعمق الحرف هنا
وشكرا لى هنووووود على طرحك
أحتراماتى هنووود وتسلمى على نقلك وحسك
رد: قال المسؤول سأوي.......
تسلمين على النقل المميز
والموضوع الراقى
دمتى بخير وتقبلى تحياتى
والموضوع الراقى
دمتى بخير وتقبلى تحياتى
sokara- @ نائب المدير 2 @
- عدد الرسائل : 1261
العمر : 41
الموقع : mesr.mam9.com
بلاد الاعضاء :
المهنـــــــــه :
المزاج :
تاريخ التسجيل : 12/04/2010
صفحة 2 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى