حكمة مراهق...........

من طرف **hend** 30/3/2010, 22:20

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

قبل أيام كان أحد أصدقائي معي في محادثة على المسنجر , لكنه كان يمسح أكثر مما يكتب , وكان يحرص على مراجعة كل كلمة يكتبها قبل أن يضغط "إنتر" , فعجبت له أشد العجب لحرصه الممل ورده الذي يأتي متأخراً على أي سؤال أوجهه له , وأحيانا أنتظر رده لمدة دقيقتين أو ربما أكثر على سؤال كانت تكفي للإجابة عليه كلمة واحدة !!

فسألت شيطاني الذي لا يتردد أبداً في الرد ولا يتأخر عن أي محادثة , سألته عن ذلك ! فأجابني بأن ذاك الصديق يعاني من إحدى مشكلتين ! إما أن يكون مؤدباً جداًّ لدرجة أنه يحسب للكلمات ألف حساب , أو ربما هو يحاول أن يبدو مؤدباً , وفي كلا الحالتين أنتَ شخص مهم وهو يحرص على علاقته معك ويخشى أن يجرح إحساسك بكلمة لم يكن يلقي لها بالاً !!

هكذا بدَت للشيطان وساوسه ! وبدأت نفسي البسيطة جداً تعجبني , فمن الجميل جداً بل والرائع أن يكون لك صديقاً يحترمك أكثر من اللازم ! فعُدت إلى صديقي _المؤدب_ وقلت له : خذ الأمور ببساطة ترى مافي رسميات ! وسألته عن "لماذا تكتب وتمسح أكثر الكلمات ؟ فأخبرَني بأنه كثير الأخطاء الإملائية وأن الكيبورد عنده "حالة أمه حالة" !! يعني المسألة مش مسألة أخلاق [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]! فزاد إحباطي وفتمنيت لو أنني التزمت السكوت ولم أسأله , فبعض الأوهام أجمل من الحقيقة المُرة .

وفي يوم من الأيام دخلت البيت فوجدت أخي مشغولاً جداً بإحدى شاتاته الكتابية , مستخدماً نفس النكـ نيم في ألعاب "قيمز" ( إلعب وانت ساكت ) مع بعض التعديل التكتيكي ( دردش وانت ساكت ) _مع إني ماني عارف كيف تدردش وانت ساكت في الواقع_ فقلت في نفسي ياله من مراهق مجنون !!

مشكلة أخي مع "اسكت اسكت وانت ساكت" مشكلة قديمة لاداعي للخوض في تفاصيلها , لكنني وجدت رابطاً مباشراً سأتحدث عنه .

ذهبت إلى المسجد لصلاة الجمعة مبكراً , ومن حسن الحظ لم يكن أخي الحكيم بجانبي , فقد كان مصريٌّ يقرأ القرآن بصوتٍ عالٍ جداًّ لدرجة أنني لم أستطع أن أركز في قراءتي , ولو كان أخي الحكيم حاضراً فإنه لن يتردد في أن يقول له ( إقرأ وانت ساكت ) !

كنت أظن بأن هذه الحكمة لم يكن أخي هو قائلها الأول , ربما هي أفكار مسروقة بالرغم من أنني لم أسمع أحداً من قبلُ قالها , وبالقليل من التمعن والتدقيق وجدت أن الكثير من الكبار _والغير مراهقين_ قد قالوها منذ زمن بل وطبقوها وروجوا لها !

فسياسة ( شوف شعلك وانت ساكت ) أو ( خذ مرتبك وانت ساكت ) هي السياسة اللتي تسير البلد , لقد كانت سياسة حكيمة , تعمل بصمت , والضمائر ساكته !

وإن كانت سياسة بلد تقوم على ذلك فإن إمام مسجدنا الذي نُصب مؤخراً والذي لا يُحسن التلاوة , ويُكسر الحروف تكسيراً على حق , بل هو أولى الناس بهذا المنصب _منصب ؟ نعم بل ووظيفة حكومية_ , ولأنه رجل كبير في السن وشخص معروف جداً وصاحب علاقات عامة ونفوذ في حارتنا فإن حقوق إمامة المسجد محفوظة له , ولن يقول لي أحد سوى ( صلي وانت ساكت ) فيما لو حاولت _عبثاً_ إثارة موضوع تغييره !

في يوم الجمعة الماضي "دعى خطيبنا الموقر ربه وأنا ساكت" ولم أقل ( آمين ) عندما قال ( اللهم حرر المسجد الأقصى من براثن اليهود , وأعده إلى حمى الإسلام ياقوي ياعزيز ) ! لقد كان سكوتي مبرراً , فقد قال لي شيطاني _وهو ساكت_ مالفرق بين قول الخطيب ( اللهم حرر الأقصى ) وبين قول بني إسرائيل لموسى ( يــالة أنت وربك فقاتلا إنا هاهُنا قاعدون ) ؟ وهل في الدعاء وانت ساكت جدوى ؟ لماذا لم يفتح الرسول صلى الله عليه وسلم مكة وهو "ساكت" في المدينة ؟

لقد خشيت أن أقول آمين لأنني بكل بساطة آمنت بـ حكمة أخي المراهق !